أقل درجة في الشعبة!

أقل درجة في الشعبة

جملة تجتاح كياني لتُضم إلى مجموعة المفاهيم التي أُخاطب فيها بعد أن استعرض أستاذ المادة درجات الامتحان ليفاجئني أن أقل درجة في الشعبة تخصني.
ومن يعرفني منذ أيام البكالوريوس يُدرك حبي للكمال في الدرجات والذي يدخلني في حالة تحدي مع الدرجة الكاملة، إذ أني أؤمن بما قاله خالد الفيصل:
ما أحب أنا المركز التالي
الأول أموت به وأحيى به
حملت الجملة وقعاً غريباً كوني حديثة عهد بها، غير أن ما هونها علي هو أن متطلبات المرحلة اختلفت؛ الأولويات أٌعيد ترتيبها، صفاء الذهن الذي تمتعت به في مرحلة ما اهتز في هذه المرحلة. ثم إن التركيز في مرحلة الدراسات العليا لا يقف على حدود الدرجة إذ أنه كما يقول أحد الأساتذة الأفاضل (إنه لشرف حصولك على درجة الماجستير بغض النظر عن المعدل) إلا أن الجمع بينهما هو خير.
المهم أنني عزيت نفسي حينما تذكرت تشجيع إحدى الأستاذات الفاضلات التي قالت – وإن كانت بالغت بالمجاملة ورفعتني فوق ما استحق – (تعرفين أنك نجحتِ في مرحلة الدراسات العليا متى ما دخلتِ مرحلة "الفقه القانوني" وأنتِ بدأتِ بها).
تأكدت أن الحياة مراحل عبور مستمرة، وأنني ما فشلت في امتحان هذه المادة إلا لأعد نفسي لمرحلة أخرى.
ثم إنني وبعد تجربة الجمع بين عدة أمور، أدركت أنه يمكنني اجتيازها كلها غير أن التفرغ لأحدها لهو أدعى للتميز. إلا أنني أشكر لنفسي ركضها في محاولة للتوفيق بين كل التزاماتي مع محاولة إيجاد متنفس روحي بعيداً عن العملية والجدية.
والحمدلله الذي يسر لي النجاح على الأقل في ضبط نفسي ومقاومة لحظات الضغط والإحباط التي تداهمني في لحظات تراكم المهام بين ضغط الدراسة ومتطلبات الوظيفة وحاجات العائلة. ولا أدعي استمرارية الكفاح والذي هو أساساً فكرة غير واقعية حسبما أظن؛ وذلك لأن الحياة بها من لحظات الكد والقوة مثلما فيها لحظات ضعف طبيعي واستسلام، والثانية زاد الأولى، فلولا الضعف لم يكن هناك قوة.
وفي كل مرة تغلبني لحظات اليأس أتذكر أن هناك أناس أعظم مسؤوليات قد وتمكنوا من تجاوز معظم الأزمات وكانوا أقدر على توجيه مسار حياتهم كلما حادت عن الطريق وحافظوا على توازنهم. ولا أوضح مثالاً من الأمهات الزوجات الموظفات والدارسات.. إذ أنهن تمكن على الرغم من عظيم ادوارهن ومسؤولياتهن من تحقيق رغباتهن بكفاءة ونجاح. وليس ذلك تحيزاً لبنات جنسي وإنما هي حقيقة قابلة للإثبات.
وقد أدركت بعد التجربة أن توافر مزايا الاستيعاب والتحليل لا يكفي للحصول على الدرجة الكاملة ولا يكفي للتميز؛ إذ أن للتميز ثمن غالٍ مكون من عدة عناصر بين الجد والاجتهاد والمجهود الحثيث والمداومة على القراءة والبحث وقدر من الحفظ.
يقول الدكتور/ عبدالجبار الرفاعي : (النجاح ليس ثمرة الموهبة وحدها، لأنه لا شيء يأتي بلا جهد إلا الفقر.. بلا مثابرة لا تسمح ذاكرة الأيام أن تحمل بصمتنا).
تصالحنا مع أخطائنا واستيعابنا للمتغيرات التي تطرأ على أحوالنا هو سبب لنجاحنا في المراحل المستقبل.
وعقبال الدرجة الأفضل في امتحان الأسبوع القادم، ولا غنى لنا عن دعوات الطيبين. 

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

إلى من يهمه الأمر!..

هذه التدوينة ليست لمن يبحث عن فائدة!

الزمان يهد الأشياء!