لا تخشى التغيير وأنت فرد من أسرة سليمة.


لكل مجتمع قيمه الخاصة، ولكل من يخرج عنها نظرة ارتياب وكأنه خرج عن الملة-. أما الحديث عن مجتمعات مختلفة قيمياً فغير مقبول؛ لأن الفرد في نظر مجتمعه يسعى إلى الأفضل وفي ذلك نوع من الحماقة لأنه بنظرهم الأفضل، فما الداعي للحديث عن تلك المجتمعات وإن وصلت القمر!
ولأننا في حقبة تحولية للحاق بقطار التطور الذي نسينا طويلاً في إحدى محطاته، ينتاب الكثير من أفراد المجتمع الخوف من الخروج عن الثوابت الدينية والقيم الاجتماعية التي تربوا عليها وذلك في صورة تتماهى فيها كل الأخلاق ليختلط المباح والمحظور! وذلك بشعور من المبالغة يعيشها كل شخص يخشى أن يفقد شيئاً اعتاده. أما المرتاب – وإن كان يعذر في بعض الأحيان متى ما كان شعوره الغيرة والحمية الصحيحة- فلا يتصور خوفه متى ما تذكر إسهامه القويم في مجتمعه الصغير الممثل في أفراد عائلته على اختلاف أجنساهم وفئاتهم العمرية واهتماماتهم وأدوارهم في العائلة مع كل ما يجب من قيم وثوابت وروابط سلمية. وما العائلة إلا لبنة من مجموع لبنات كونت هذا المجتمع السليم والراقي في أخلاقه. فمتى حسنت تركيبة البيت وعُرفت فيه الأخلاقيات المستقاة من الدين الإسلامي الحنيف والعادات الاجتماعية المقبولة والمطابقة للدين والمنطق السليم، صار الخوف شكلاً من اشكال التشكك والتوجس الزائد عن حده والذي يليق بمجتمع مثل مجتمعنا الذي نفاخر بأخلاقياته وتاريخه متجاوزة بذلك الإشارة إلى فترة خيبة تمر بها كل المجتمعات حسب التاريخ.
وكما عرف علم السياسة مفهوم " الردع" الذي اسمعه في يومي عشرات المرات، وتسمعه قارئي الكريم طالما كنت محاطاً بشاشات تلفاز تعرض الأخبار على مدار اليوم بحجة مواكبة الحدث لظروف العمل، فإنك ستكون مطمئناً طالما أسقطته على مجتمعك المسلح بفرد نشأ في منزل يعزف على وتر الالتزام بتعاليم الشرع، حب العلم والعمل، الإنسانية، صلة الرحم، احترام وتقدير الأخوة، الإحسان بمفهومه الواسع، المحافظة على أسمى سمات خصوصية مجتمعنا التي كنا وسنبقى نفاخر بها. فمنذ أن وعيت الحياة وأنا اسمع وأقرأ عن التفكك الأسري في المجتمعات التي سبقتنا تقدماً وندعوا الله أن يجنبنا إياه، إلا أننا وفي ظل اللهاث خلف الحياة المادية أخشى أن نخسر أكثر ما كنا نفاخر به فتهترئ علاقاتنا وروابطنا الاجتماعية مادامت الحياة تأخذنا من أنفسنا حتى. إلا أنه وبمفهوم الردع اطمئن كلما تذكرت أن العود على أول ركزة. متى ما وجدت أسرة سليمة فلن تخشى على مجتمع هي جزء منه.
خوفك من خسارة المورث الإيجابي لا يجب أن يجعل منك أدارة رفض وممانعة، إذ أن الجديد قد يضيف للقديم بصورة تجمله وتعيد إيجاده بطريقة عصرية لافتة قد تتجاوز مجتمعك إلى عالم أكبر. من حقك التجربة ومن حق أفراد عائلتك والكرة في ملعبكم حتماً. على ألا تشمل التجربة الخروج عن أوامر الشرع وهو أمر لا أتحدث عنه ولن أتحدث؛ لأن العلاقة بين العبد ومولاه هي علاقة من نوع خاص لا يمكن تقيمها أو التصنيف على أساسها بين الالتزام من عدمه. وإنما على أوضح تقدير فإن التزام الشخص يظهر على سلوكياته مع الجماعة.
مخاوفنا تعطلنا ومجرد التفكير بها يدخلنا في حالة عزلة لا تفيد بل تضر، ومقاومتك التغيير بل رفضك حتى مواجهته لا يجعل منك شخصاً أفضل وإن عشت عمراً قبله ثابتاً. وكما قال غازي القصيبي طيب الله ذكره: (لا يدعي العفة من لم يتعرض للفتنة).

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

إلى من يهمه الأمر!..

هذه التدوينة ليست لمن يبحث عن فائدة!

الزمان يهد الأشياء!